وأفادت وكالة مهر للأنباء، انه نشر السيد عباس عراقجي، وزير الخارجية الايراني، مذكرة في مجلة "بيبولز ديلي" إحدى المجلات المرموقة في الصين، عشية زيارته إلى بكين. والنص الكامل لهذه المذكرة هو كما يلي:
إن نجاح الصين باعتبارها "دولة نامية" يفتح الكثير من الأمل أمام بلدان نامية أخرى قادرة على التغلب على أصعب المشاكل في ظل الانسجام والتعاطف والتعاون؛ إن بناء مجتمع إنساني بمستقبل مشترك كشعار أساسي للرئيس شي جين بينغ قد خلق عملية تاريخية لمجتمع عالمي ذي مستقبل مشترك، وأعتقد أنها متسقة ومتناغمة مع مبادرة الرئيس بزشكيان. مبادرة الرئيس للتحالف والتقارب؛ إنه جهد للحفاظ على إرث الماضي ومد الجسور للمستقبل، وفي الوقت نفسه تحديد الفرص من التهديدات لتمهيد الطريق أمام تعاونات جديدة؛ لأن حكماء إيران يعتقدون أن "الماضي هو نور المستقبل" و"وراء كل ظلام نور".
الأصالة والشمولية هي الخصائص الأساسية للعلاقات الحالية بين إيران والصين، ومما يدعو للفخر أن تراث هذه العلاقات في نصف القرن الأخير في ضوء حكمة القادة قد صاحبه تطورات هائلة وإنجازات قيمة. وقد حدد رئيسا البلدين الأساس الصحيح للعلاقات المبنية على "القيم المشتركة" و"العلاقات العريقة بين الشعبين"، وأكدا على مبادئ الاحترام المتبادل والعدالة والمساواة وعدم التدخل ومن خلال تطوير خطة تعاون شاملة مدتها 25 عاما، زاد الطرفان من التضامن والثقة السياسية المتبادلة وأقاما تعاونا شاملا بين البلدين في مختلف المجالات على أساس متين.
لقد بدأت إيران والصين منذ فترة طويلة تعاونهما العملي لتعزيز التعددية وتطوير القيم المحلية، ودافع كل منهما عن المصالح الأساسية للآخر في المنتديات الدولية. التنسيق السياسي والدفاعي الوثيق، وتبادل الوفود رفيعة المستوى والحزبية، والتعاون في مبادرة الحزام والطريق، والتعاون في تنفيذ "اتفاقية بكين الثلاثية" كبداية لسلسلة المصالحة في غرب آسيا. إن عقد محادثات النخبة ومراكز الأبحاث والتعاون الثقافي الوثيق وخاصة معرض مجد إيران القديمة، والذي أصبح الآن في محطته الثالثة بعد بكين وشانغهاي في شينجيانغ، هي أمثلة حديثة للتعاون العملي بين البلدين، والتي يتماشى مع تنفيذ المبادرات الثلاث للرئيس شي الذي لعب دورا هاما في تعزيز التعددية وتعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والأمني.
هناك مصالح ومخاوف مشتركة بين إيران والصين ليس فقط على المستوى الثنائي والإقليمي، بل وأيضاً على المستوى خارج الإقليمي والدولي. ومع الإيمان الراسخ بأهمية التعددية وفوائد التعاون الجماعي من أجل ازدهار المجتمع البشري، يواصل البلدان التعاون الوثيق في الآليات المتعددة الأطراف، بما في ذلك منظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة بريكس. إن التعاون مع الأعضاء والشركاء الآخرين بهدف الرخاء والتنمية والأمن والاستجابة للتحديات العالمية الجديدة هو إحدى أولويات إيران والصين. وأنا على ثقة من أن الصين ستوفر فرصا جديدة للتعاون الجماعي مع رئاستها الناجحة لمنظمة شنغهاي للتعاون في عام 2025.
وسيواصل البلدان معا التنمية وتوفير الأمن للمنطقة والعالم وسيواصلان ذلك بإرادة قوية. إن إجراء مناورات الأمن البحري 2024، الذي كان مظهرا للتعاون رفيع المستوى والجهود المشتركة لضمان الأمن البحري، يعد علامة أخرى على التعاون العملي والاستراتيجي بين البلدين.
تواجه منطقة الشرق الأوسط العديد من التحديات، جوهرها القضية الفلسطينية. لقد تفاقمت الأزمة الإنسانية في غزة الناجمة عن الإبادة الجماعية المدعومة من بعض القوى بسبب تقاعس المجتمع الدولي وسلوكه غير المسؤول. لقد دافعت جمهورية إيران الإسلامية دائما عن المطلب المشروع للشعب الفلسطيني بالحق في تقرير المصير. إننا نتشاطر الرأي مع أصدقائنا الصينيين بأن الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة وإرسال المساعدات الإنسانية هو الأولوية الأهم في الوضع الحالي في فلسطين. وفيما يتعلق بالتطورات في سوريا، أكدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية على احترام وحدة سوريا وسيادتها الوطنية وسلامة أراضيها، وتعتبر أن اتخاذ القرار بشأن مستقبل سوريا هو مسؤولية شعب هذا البلد وحده دون تدخلات هدامة أو فرض أجنبي. وهذا المبدأ الأكيد يجب أن يأخذه جميع الأطراف بعين الاعتبار وهو أن شعوب المنطقة هي التي لها الدور الحاسم في تشكيل مصيرها السياسي والاجتماعي وأمنها وتنميتها.
إننا نواجه تغيرات غير مسبوقة في العالم. وقد واجهت هذه التغيرات الدول بـ "فرص" و"تحديات" معقدة في الوقت نفسه، ووضعت العالم على "مفترق طرق تاريخي" بين المواجهة أو التعاون، والاحتكار أو الشمول، والانغلاق أو الانفتاح، والفوضى واختيار السلام أو الاستقرار.
ومن أجل مواجهة الأحادية والبلطجة، ستدعم إيران والصين دائما التنمية والازدهار والتعاون والصداقة بين دول الجنوب العالمي وستقفا على الجانب الصحيح من التاريخ. لأن "المواجهة والعداء" لن يؤدي إلا إلى إضعاف المصالح الجماعية للمجتمع الدولي، ولن يكون هناك فائزون في نهاية المطاف.
إيران والصين، باعتبارهما حضارتين آسيويتين قديمتين، صديقتان في الأوقات الصعبة، وقد لعبا دورهما كدولتين مسؤولتين في توفير السلام وتنمية المجتمع البشري.
وسيظهر "نصف القرن الذهبي القادم للعلاقات الإيرانية الصينية" أن هذه الرحلة هي بداية فصل جديد من التعاون الاستراتيجي بين البلدين، خاصة عندما تكون بأسلوب حكماء البلدين.
/انتهى/
تعليقك